للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا المعنى لا يخالف ما يذكره أهلُ اللغة؛ فإنهم يزعمون أن أسماء الشهور لمَّا نقلوها عن اللغة القديمة، سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحَرّ، فسُمّي بذلك، كما سمَّوا شوّالًا؛ لأن الإبل تشول بأذنابها، وسمّوا شعبان لانشعاب القبائل فيه، وغير ذلك.

وهذا لأن الرَّمَض شدّةُ وَقْعِ الشمس على الرمل وغيره، والأرضُ رَمْضاء، ورَمِضَ يومُنا يرمض رَمَضًا: اشتدّ حرُّه، ورَمِضتْ قدمي، ورَمِض الفصيلُ: أصابه حرُّ الرمضاء.

فاجتمع في رمضان أنّ وقت التسمية كان زَمَن حَرّ، ثم إن الله فرض صومَه، والصومُ فيه العطشُ والحرارة، ثم إنه يوجب التقوى فتحرق الذنوبَ وتهلكها. وقد يُلْهِم الله خلقَه أن يسمّوا الشيءَ باسمٍ لمعنًى يعلَمُه هو ويبيّنه فيما بعد (١)، وإن لم يعلموا ذلك حين الوَضْع والتسمية؛ كما سمّوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - محمدًا.

وغير مستنكَر أن يكون ما اشْتُق منه الاسم قد تضمَّن معاني كثيرة يفطَن بعضٌ لبعضها.

وأيضًا فإن هذه التسمية لغوية شرعية، فجاز أن يكون له باعتبار كلِّ واحدٍ من التسميتين معنًى غير الآخر. وقد قيل: هو اسم موضوع لغير معنى كسائر الشهور.


(١) س: «ويبينه فيما بعد عليه».