للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى هذا لا يتوجّه النهيُ عن صوم يوم الشكِّ إليه إذا (١) قلنا: هو من رمضان، وعليه جماهير أصحابنا.

وروى عنه حنبل: إذا حال دون منظر الهلال حائلٌ أصبح الناسُ متلوِّمين ما يكون بعد، وإذا لم يَحُل دون منظره شيء أصبح الناسُ مفطرين، فإن جاءهم خبر، كان عليهم يومٌ مكانه، ولا كفارة.

فعلى هذا لا يُصام من رمضان، وهذا اختيار طائفة من أصحابنا، منهم ابن عَقيل والحُلْواني وأبو القاسم بن مَنْده (٢)؛ فعلى هذه الرواية يستحبُّ له أن يصبح ممسكًا مُتَلَوِّمًا، وإن لم يَحُل دونه شيء أصبح مفطرًا.

وروى عنه حنبل (٣) في موضع آخر وقد سئل عن صوم يوم الشكِّ، فقال: صم مع جماعة الناس والإمام، فإنَّ السلطانَ أحوطُ في هذا وأنْظَرُ للمسلمين وأشدُّ تفقّدًا، والجماعة يدُ الله على الجماعة، ولا يعجبني أن يتقدّم رجلٌ الشهرَ بصيام، إلا مَن كان يصوم شعبان، فلْيَصِلْه برمضان.

قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: لا أرى صيام يوم الشكّ إلا مع الإمام ومع الناس. قال أبو عبد الله: وأذْهَبُ إلى حديث ابن عمر؛ لأن الصلاة والصيام والجهاد إلى الإمام. يعني ما رواه حنبل (٤) عن ابن عمر أنه قال:


(١) في النسختين: «وإذا» والصواب بحذف الواو.
(٢) ينظر «الفروع»: (٤/ ٤١٠).
(٣) عزاها له ابنُ الجوزي في «درء اللوم» (ص ٥٨)، والزركشي في «شرحه»: (٢/ ٥٦٠) غير معزوّة إليه، وينظر «المغني»: (٤/ ٤١٦)، و «الواضح في شرح الخرقي»: (١/ ٦٠٧) للضرير.
(٤) ومن طريقه الخطيب في «جزء النهي عن صوم يوم الشك» ــ كما في «درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم» لابن الجوزي (ص ٦٤) ــ عن عبد العزيز بن حكيم قال: «سألوا ابن عمر فقالوا: نسبِق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء؟ فقال: أفّ أفّ! صوموا مع الجماعة».
قال النووي في «المجموع»: (٦/ ٤٢٢): «إسناده صحيح إلا عبد العزيز بن حكيم فقال يحيى بن معين: هو ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بقوي يكتب حديثه».