للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم عمار - رضي الله عنه - لم يحكِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظًا، وإنما ذكر أنه مَن صام يوم الشكّ فقد عصاه، وذلك يدلّ على أنه سمع منه نهيًا عن صوم يوم الشكّ في الجملة، أو فهم من قوله: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» النهيَ عن صوم يوم الشكّ، فإنه ظاهرٌ في ذلك، أو سمع منه لفظًا غير ذلك، ففهم منه هذا المعنى.

وفي الجملة، فقول الصاحب: نزَلَت هذه (١) في كذا، أو: هذا حُكْمُ الله ورسوله، أو: هذا مما حرّمه الله ورسوله، أو: مَن فعَل هذا فقد عصى أبا القاسم= محتمِلٌ؛ لأنه أخْبَر به عن فَهْم واعتقاد.

ولهذا لم يروِه (٢) أحمدُ وأمثالُه في مسند الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان غيره من العلماء يُدخلون مثلَ هذا في الحديث المسند (٣).

ولم يصرّح عمار بأن يوم الغيم يوم شكٍّ، ولو صرّح به لَما كان الرجوع إلى ما فَهِمَه بأولى من الرجوع إلى ما رواه ابنُ عمر وفهمَه، وما قاله أبو هريرة وعائشة وغيرهما مع روايتهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال أحمد - رضي الله عنه - في رواية المرُّوذي، وقد سُئل عن نهي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم الشكّ، فقال: هذا إذا كان صحوًا (٤) لم يَصُم، فأما إن كان في


(١) سقطت من المطبوع.
(٢) في النسختين والمطبوع: «يرو».
(٣) ينظر «علوم الحديث» (ص ٤٩ - ٥٠) لابن الصلاح، و «فتح المغيث»: (١/ ١٤٩ - ١٥٢) للسخاوي.
(٤) في المطبوع: «صحو».