للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك لِمَا احتجّ به أحمدُ، وهو ما روى أبو عمير بن أنس، قال: «أخبرنا (١) عمومةٌ لي من الأنصار من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: غُمَّ علينا هلالُ شوال، فأصبحنا صيامًا، فجاء رَكْبٌ من آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا ثم يخرجوا لِعيدهم من الغد. رواه الخمسة إلا الترمذي (٢). وقد تقدم عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

فهؤلاء قوم قد رأوا الهلالَ في غير المدينة، وبينهم وبينها نحو من يومين؛ لأن شهادتهم كانت آخر النهار، والمطالع قد تختلف في الأمكنة المتقاربة، ولأن حكم البلدين في هذه الرؤية حكم البلد الواحد؛ بدليل انقضاء [ق ٢٧] الأجل وحلول الدين وغير ذلك؛ فلذلك يجب أن يكون في باب الصوم، ولأنه لو لم يكن حكم البلاد في ذلك واحدًا لكان يجب أن نحدّ (٤) ما تختلف به المطالع بحدٍّ مضبوط، وليس في ذلك حدّ مضبوط؛ لأن رؤية الهلال قد تكون تارة لارتفاع المكان، وتارة لصفاء الهواء، وتارة


(١) س: «أخبرني».
(٢) أخرجه أحمد (٢٠٥٧٩، ٢٠٥٨٤)، وأبو داود (١١٥٧)، والنسائي (١٧٥٧)، وابن ماجه (١٦٥٣) من طرق عن أبي بشير جعفر بن أبي وحشية، عن أبي عمير بن أنس به. قال الدارقطني في «السنن» (٢/ ١٧٠): «إسناد حسن»، وصححه ابن حبان (٣٤٥٦)، والبيهقي في «الكبرى»: (٣/ ٣١٦)، وابن المنذر والخطابي وابن السكن وابن حزم. ينظر «البدر المنير»: (٥/ ٩٦)، و «التلخيص»: (٢/ ٩٣). وصححه الألباني في «الإرواء»: (٣/ ١٠٢).
(٣) (ص ١١٤).
(٤) المطبوع: «يجد»!