للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن الفطر جائز بغير خلاف من غير كراهة، والصوم قد كرهه جماعةٌ من الصحابة، وأَمَروا بالقضاء كما تقدم، ولأن الفطر أيسر وأخفّ، والله يريد بنا (١) اليُسْرَ ولا يريد بنا العُسْرَ، ويحبّ أن يؤتَى ما أرخصه، والمفطر يجمع له أجر الصائم وأجر القضاء كما تقدم، ولأنه رخصة من رُخَص السفر، فكان اتباعها أولى من الأخذ بالثقيل، كالقصر والمسح.

فإن قيل: هذا يُبقي الصومَ في ذمّته بخلاف الذي يقصر الصلاةَ.

قلنا: إذا أقام (٢) واتسع له وقتٌ قضاه، وإلا فلا شيء عليه.

ولأن الصومَ في السفر مظنة سوء الخلق والعجز عن مصالح السفر، وأن يصير الإنسانُ كَلًّا على أصحابه، ولو لم يغيره، لكن الفطر بكلِّ حال أعْوَن له على السفر، وسعة الخُلُق، وإعانة الرفقاء، وغير ذلك من المصالح التي هي أفضل من الصوم.

وبهذا يتبين أن الفطر أرفق له بكلِّ حال، ولأن في الفطر قبولًا للرخصة، وبراءةً من التعمُّق والغلوّ في الدين، وشُكْرًا لله على ما أنعم به من الرخصة.

فإن (٣) صام، فهل يُكره له الصوم؟ على روايتين (٤):


(١) سقطت من المطبوع.
(٢) المطبوع: «قام».
(٣) في النسختين: «فإن من» والنص مستقيم بدونها.
(٤) ينظر «المغني»: (٤/ ٤٠٦ - ٤٠٧)، و «الفروع»: (٤/ ٤٤٠ - ٤٤١). و «مسائل عبد الله»: (٢/ ٦٣٩ - ٦٤١)، و «مسائل أبي داود» (ص ١٣٥)، والكوسج: (٣/ ١٢١٤).