للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث: إنه خيَّره، إنما قال له شيئًا بعد شيء، وإنما يُقال له عندنا شيئًا بعد شيء (١)، ومَن روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أعتِقْ أو صم أو تصدّق، فرواه بالمعنى من حيث الجملة؛ فإن الرجل قد يقول: افعل كذا أو كذا أو كذا (٢)، ومعناه الترتيب.

وأما حديث عائشة: فإنها حَكَت ما استقرّ عليه الحالُ، وهو أمره بالصدقة، فإنه كان عند العجز عن العتق والصيام، ولهذا لم يذكر العتق والإطعام.

ثم هي قضيَّةٌ في عين، فذلك المأمور بالصدقة إن كان هو غير الذي في حديث أبي هريرة؛ فربما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حاله العجزَ عن العتق والإطعام، ولهذا لم يذكرهما له، ولا ريب في أنهما يُذكران للمستفتي كما في حديث أبي هريرة.

ثم هي أكثر رواةً وأشد استقصاءً وأحوط وأشبه بالقياس.

فإن هذه الكفّارة لم تجب في الشرع إلا على وجه الترتيب، ولأنها إذا وجبت على المظاهر على وجه الترتيب؛ فعلى المجامع في رمضان أولى؛ فإن ذنب هذا أعظم؛ لأن التحريم في الظهار ثبت بقول المكلَّف، وهنا ثبت بتحريم الله ابتداءً، ولأنه إمساكٌ عن محظورات تجب بالوطء فيه الكفّارةُ، فكانت على الترتيب، ككفّارة المجامع في إحرامه.


(١) كذا، وفي الكلام تكرار أوهم الاشتباه والنقص. ونصه في كتاب «الروايتين»: «قال في رواية ابن القاسم: مالك يقول: هو بالخيار، وهو إنما يقال له: عندنا شيء بعد شيء».
(٢) في ق: «أو كذا» مرتين.