ومَن أكل ثم جامع، أو جامع ثانيةً بعد أولى، فهو أشدُّ انتهاكًا للحُرْمة وأعظم في الاجتراء على الله، وربما اتخذ هذا حيلة إلى إسقاط الكفّارة بالجماع. ولأنها عبادة يجب إتمام فاسدها، فوجبت الكفّارة فيه كالحج الفاسد. وهذا لأن الله سبحانه قال في الحج:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]، وقال تعالى في الصوم:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧].
وزمانُ الحجِّ يتعين ابتداؤه بفعل المكلف، وزمان رمضان يتعين ابتداؤه وانتهاؤه بالشرع، وكلاهما لا يخرج منه بالإفساد، بحيث لو أراد في الحج أن يصير بالوطء حلالًا يباح له المحظورات، لم يكن له ذلك، ولو أراد بالإفطار في رمضان أن يباح له الإفطار في سائر النهار لم يُبَح له.
ولو تبين له وجوب الصوم في أثناء النهار ببينة تقوم، أُثيب على صيامه مع وجوب القضاء، فليس بينه وبين الإحرام فرق، هذا فيمن ترك النية، مع العلم بوجوب الصوم، حتى لو أفطر يوم الإغمام وهو يعتقد ... (١)
فأما إن ترك النية لعدم العلم بأنه من رمضان وأمسك، لم يلزمه الكفّارة؛ لأنه ليس بإمساك مأمور به.
وإذا علم في أثناء النهار أن اليوم من رمضان، فإنه يجب عليه الإمساك على المذهب المعروف، فلو وطئ فيه لزمَتْه الكفّارة.
وإذا أسلم الكافرُ أو بلغ الصبيُّ أو عَقَل المجنون أو طهرت الحائض أو قدم المسافر، وقلنا: يجب عليهم الإمساك، فقال القاضي وابن عقيل: إذا