للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصّ عليه في رواية مهنّا في مُحرِمة غَصَبها رجلٌ نفسَها، فجامعها وهي كارهة، [قال]: أخاف أن يكون قد فسد حجُّها. فقيل له: فإن غَصَبها رجلٌ نفسَها وهي صائمة فجامعها؟ قال: هو كذلك.

وفي لفظ: إذا أكرهها فوطئها فعليها القضاء. قلت: وعليها الكفّارة؟ قال: لا. قلت: فإن كانت اشتهَتْه؟ قال: لم أسمع على المرأة كفّارة.

وهذا قول ابن أبي موسى (١) والقاضي وأكثر أصحابنا.

وعنه: لا يفسد. ذكرها أبو الخطاب (٢) وابن عقيل.

قال في رواية ابن القاسم (٣) في الرجل يتوضأ فيسبقه الماء فيدخل حلقَه: لا يضره ذلك، وكذلك الذباب يدخل حلقَه، والرجل يومئ بالشيء فيدخل حلقَ الآخر، وكلُّ أمرٍ غُلِب عليه الصائم، فليس عليه قضاء ولا غيره.

فإن هذا يقتضي أنه لا يفسد الصوم بالإكراه على الجماع؛ لقوله: «ليس عليه قضاء ولا غيره»، وغير القضاء هي الكفّارة، وإنما تجب الكفّارة في الجماع، فعُلِم أنه إذا غُلِب على الجماع لم يكن عليه قضاء ولا غيره. وهذا اختيار ابن عقيل؛ لأن الله تعالى عفا للأمة عما اسْتُكْرِهوا عليه، ولأن هذه المرأة لم يصدر منها فعل ألبته.

ولهذا لا يجب عليه حدٌّ ولا إثم ولا تعزير ولا ضمان، فإنه لو ألقى إنسانٌ إنسانًا على آخر فقتله، لم يضمنه، فإذا لم يجب الضمان مع وجوبه مع


(١) ينظر «الإرشاد» (ص ١٤٦).
(٢) في «الهداية» (ص ١٥٩).
(٣) ذكرها في «المغني»: (٤/ ٤٧٤)، و «الفروع»: (٥/ ٤٢).