للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن عباس وعائشة رويا هذين الحديثين وهما أعلم بمعنى ما رويا من غيرهما، فلو لم يكن معناه عندهما في غير رمضان لَمَا جاز لهما خلافه.

وليس الحديث نصًّا حتى يُعارَض بين الرأي والرواية.

وأما كونه دَينًا، فصحيح، لكن وفاء الدين مِن تركةِ الميّت ومالِه أولى من وفائه من بدن غيره، ولأن صوم رمضان لم يجب فيه الصوم عينًا، وإنما وجب الصومُ مع القدرة والإطعامُ مع العجز، فصار الدّين عليه أحدَ شيئين.

وهذا الجواب يصلح عن قوله: «وعليه صيام»، فإن العاجز عن قضاء رمضان ليس عليه صيام، وإنما عليه فدية؛ فالواجب عليه أحدُ شيئين، وفيه نظر.

والفرق بين رمضان والنذر: أن النذر محلّه الذِّمّة، وقد وجب بإيجابه، وهو لم يوجب على نفسه إلا الصومَ فقط، فإذا فُعل عنه فقد أُدِّيَ عنه نفس ما أوجبه، ولو أُطعِم عنه لم يكن قد أُدِّي عنه الواجب.

ولهذا يصح أن (١) يَنْذُر ما يطيقُه وما لا يطيقُه، فإذا عجَزَ عنه فهو في عُهدته.

والصومُ إنما أوجبه الله سبحانه على بدَن المكلّف، فإذا عَجَز ففي ماله، فإذا عجَز عن الأصل انتقل إلى البدل الذي شرعه الله سبحانه.

ولهذا لم يوجب الله عليه من الصوم إلا ما يُطِيقه، وكذلك كلّ صوم وجب بإيجاب الله، فإنه (٢) بدله الإطعام، وإن كان سبب وجوبه من المكلّف


(١). ق: «بأن».
(٢) كذا في النسختين.