للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أنه علّل أمرَه بالإتمام بأنَّ الله أطعمَه وسقاه، ولو لم يكن مقصوده إتمام الصوم الصحيح، لم يصح التعليل بهذا؛ فإنه إذا أفسدَ (١) الصومَ في رمضان وجب الإمساك، وإن لم يكن الله أطعمه وسقاه بغير قصد من العبد (٢) ولا إرادة، فلابدّ أن يكون لهذه العلة أثرٌ في هذا الحُكم، ولا يكون لها أثرٌ إلا أن يكون الصومُ صحيحًا.

الخامس: أنه قال: «الله أطعمك وسقاك» تعليلًا وجوابًا. ومعلوم أن إطعام الله وإسقاءه للعبد على وجهين:

أحدهما: أنه خَلَق له الطعامَ والشرابَ (٣) والحركةَ التي بها يأكل ويشرب، وعلى هذا فالعامد والناسي وجميع الخلق، الله أطعمهم وسقاهم، كما قال إبراهيم: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشعراء: ٧٩].

وهذا المعنى لم يقصده النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه قَدْرٌ مشترك بين المتعمد والناسي، وهو بمنزلة قوله: أنت أكلْتَ وشربْتَ، فهي حكاية حال محضة.

والثاني: أن يطعمه ويسقيه بغير قصد من العبد ولا عَمْد، كما في هذه الصورة، فإنه لو ذكر أنه صائم لم يأكل ولم يشرب، لكن أنساه الله تعالى صومَه، وقَيَّض له الطعام والشراب، فصار غير مكلَّف لأجل النسيان، فأضيف الفعل إلى الله تعالى قدرًا وشرعًا، فسقط قلم التكليف عن هذا الفعل.


(١). س: «فسد».
(٢). ق: «التعبد» والمثبت من س، وسيأتي في الصفحة التالية أيضًا بلفظ: «بغير قصدٍ من العبد ولا عمد».
(٣). «والشراب» سقطت من س.