للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الذي عليه أصحابنا، وقد أفتى أبو عبد الله بما ذكره عن ابن المنكدر إذا دعته أمُّه وهو في الصلاة: إن كان في التطوُّع فليجبها.

وقال أحمد في رواية الأثرم وقد سئل عن الرجل يصبح صائمًا متطوِّعًا: أيكون بالخيار؟ والرجل يدخل في الصلاة: أَلَه أن يقطعها؟ فقال: الصلاةُ أشدُّ، لا يقطعها، فإن قطع وقضاها، فليس فيه اختلاف.

قال القاضي: ظاهر هذا (١) أنه لم يوجب القضاءَ، وإنما استحبَّه لأنه يخرج من الخلاف.

وقال غير القاضي: هذه الرواية تقتضي الفرقَ بين الصلاة والصيام، وأن الصلاةَ تلزمُ بالشروع.

وهذا الفرق اختيار أبي إسحاق الجوزجاني. لأن الصلاةَ ذاتُ إحرام وإحلال، فلزمت بالشروع كالحج. ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الطُّهُور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» (٢).

وهذا يعمُّ جميعَ الصلوات، ويقتضي أنه ليس له أن يتحلَّل منها إلا بالتسليم، كما ليس له أن يفتتحها إلا بالطُّهُور، ولا أن يُحْرِم بها إلا بالتكبير.


(١) سقطت من س.
(٢) أخرجه أحمد (١٠٠٦)، وأبو داود (٦١، ٦١٨)، والترمذي (٣)، وابن ماجه (٢٧٥)، وفي سنده عبد الله بن محمد بن عقيل، قال عنه الترمذي: «صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وسمعت محمد بن إسماعيل، يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي، يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، قال محمد: وهو مقارب الحديث». وصححه الألباني في «صحيح أبي داود- الأم»: (١/ ١٠٢). وينظر «البدر المنير»: (٣/ ٤٤٨).