للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن كلّ معتكفٍ تحرم عليه المباشرة، فلو كان المقيم في غير المسجد معتكفًا لحَرُمَت عليه (١) المباشرةُ كغيره.

فإن قيل: فقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} دليلٌ على أنه قد يكون عاكفًا في غير المسجد؛ لأن التقييد بالصفة بما لولا هو (٢) لدخل في المطلق.

قلنا: لا ريب أنَّ كلَّ مقيم في مكان ملازم له فهو عاكف كما تقدم، لكنّ الكلام في النوع الذي شَرَعه الله تعالى، كما أن كلّ مُمْسكٍ يسمّى صائمًا، وكلّ قاصد يسمّى متيمِّمًا، ثم لما أمر الله تعالى بتيمُّم الصعيد وأمر بالإمساك عن المفطِّرات، صار ذلك هو النوع المشروع.

على أن الصفة قد تكون للتبيين والإيضاح، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون: ١١٧]، وقوله: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: ٦١]، ونحو ذلك.

فإن قيل: فلو لزم الإنسانُ بقعةً يعبد الله تعالى فيها خاليًا من الناس أو غير خال، مثل كهف أو غار أو بيت أو شعب، فهل يُشْرَع ذلك ويستحبّ؟ ...

قيل: أما إذا قصد مكانًا خاليًا ... (٣)


(١) ليست في س.
(٢) س: «ما» وسقطت النون من «لأن». وفي هامش ق: «لعله: لولاه».
(٣) بياض في النسختين في هذا الموضع والذي قبله. وفي هامش س تعليق نصه: «أهل الكهف وغار حراء».