للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر ابنُ أبي موسى (١) روايةً فيمن أراد اعتكاف شهر: أنه يدخل قبل طلوع الفجر من أوله. وسيأتي إن شاء الله.

فإن قيل: فقد رُوي عن عائشة - رضي الله عنها -: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكف، صلى الفجرَ ثم دخل معتكَفَه، وأنه أمر بخبائه فضُرِب، ثم أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان» متفق عليه (٢).

قلنا: قد أُجِيب عن ذلك بأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد أن يعتكف الأيام لا الليالي، ويشبه ــ والله أعلم ــ أن يكون دخولُه معتكفَه صبيحةَ العشرين قبل الليلة الحادية والعشرين، فإنه ليس في حديث عائشة أنه كان يدخل معتكفَه صبيحةَ إحدى وعشرين، وإنما ذَكَرَت أنه كان يدخل المعتكف بعد صلاة الفجر، مع قولها: «إنه أمر بخبائه فضُرِب، ثم أراد الاعتكافَ في العشر الأواخر»، والعشرُ صفة لليالي لا للأيام، فمحالٌ أن يريد الاعتكاف في الليالي العشر وقد مضت ليلة منها، وإنما يكون ذلك إذا استقبلها بالاعتكاف، وقد ذكرَتْ أنه (٣) اعتكف عشرًا قضاء للعشر التي تركها، وإنما يقضي عشرًا من كان يريد أن يعتكف عشرًا.

وفي حديث أبي سعيد: «إنه لما كان صبيحة عشرين أمر الناس بالرجوع إلى المسجد»، فقد عُلِم من عادته أنه (٤) يدخل إلى (٥) المعتكَفِ نهارًا،


(١) في «الإرشاد» (ص ١٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٣٣)، ومسلم (١١٧٢).
(٣) س: «أنها».
(٤) س: «أن».
(٥) سقطت من المطبوع.