للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاء: «لا تُناظِر بكتاب الله» (١). قيل: معناه: لا تتكلَّم به عن (٢) الشيء تراه كأنك ترى رجلًا قد جاء في وقته، فتقول: لقد {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى}.

قال ابن عقيل: كان أبو إسحاق الخرَّاز صالحًا، وكان من عادته الإمساك عن الكلام في شهر رمضان، [ق ١٢١] فكان يخاطب بآي القرآن فيما يعرض له من الحوائج، فيقول في إذنه: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ}، ويقول لابنه في عشية الصوم: {مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا} آمرًا له أن يشتري البقل. فقلت له: هذا تعتقده عبادة وهو معصية. فصَعُب عليه، فقلت: إن هذا القرآن العزيز نزل في بيان أحكام شرعية، فلا يُستعمل في أغراض دنيوية، وما هذا إلا بمثابة صرّك السِّدْرَ والأُشنان في ورق المصحف. فهَجَرني ولم يصغ إلى الحُجّة (٣).


(١) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٧٩٥) عن الزهري. وزاد: «ولا بكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». يقول: لا تنتزع بكلام يشبهه.
وينظر «الفروع»: (٥/ ١٨٩)، و «شرح السنة»: (١/ ٢٠٢) للبغوي.
(٢) س: «عند».
(٣) النص في «تلبيس إبليس»: (٢/ ٨٩٩)، وينظر «المتحف في أحكام المصحف» (ص ٥٢٦) حاشية (٤). قال ابن مفلح في «الفروع»: (٥/ ١٨٩): «وذَكَر شيخُنا (أي: ابن تيمية): إن قُرئ عند الحُكم الذي أُنزل له أو ما يُناسبه ونحوه فحَسَن، كقوله لمَن دعاه لذنب تابَ منه: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا}، وقوله عند ما أهمه: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}».