للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا لأن الاعتكاف هذه الأيام أفضل من غيرها، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختصّها بالاعتكاف، ويوقظ فيها أهلَه، ويحيي الليلَ، ويشدّ المِئزَرَ، وفيها ليلة القدر، فلا يقوم مُقامها إلا ما أشبهها، وهو العشر من (١) العام القابل، كما قلنا فيما إذا عيَّن مكانًا مخصوصًا بالسفر إليه، مثل المسجد الحرام، لم يُجزئه الاعتكاف إلا فيه، ولو أفسدَ الاعتكافَ الواجبَ فيه، لم يُجزئه قضاؤه إلا فيه.

ولا يَرِدُ على هذا قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعتكافه في شوَّال؛ لأنه لم يكن واجبًا عليه، على أنه قد اعتكفَ في العام (٢) الذي قُبِض فيه عشرين، ولم يكن في الرمضان الذي كان مسافرًا فيه (٣)، فلعله قضاه مرةً (٤) ثانية.

فإن قيل: فقد قلتم: إذا أفسدَ اعتكافَ الأيام المعينة، لزم إتمام باقيها، إما بناء أو ابتداء لأجل التعيين.

قلنا: هذا إذا كان ما بعدها مساويًا لها، فأما هنا فإن العشر إلى العشر أقرب مِن شوَّال إلى العشر.

وقال القاضي: إذا قلنا: يصح الاعتكاف بغير صوم وَفَاتَه، فنذر اعتكاف شهر رمضان، لزمه اعتكاف شهرٍ بلا صوم، فإن أراد أن يقضيه في رمضان آخر، أجزأه، وكذلك إن قضاه في غير رمضان.


(١) ق والمطبوع: «العشرين».
(٢) «في العام» سقطت من س.
(٣) س: «الرمضان الذي سافر».
(٤) ق والمطبوع: «من».