للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما روى عبد الرزاق، ثنا (١) الثوريُّ، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كنّ المعتكفات إذا حِضْن، أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإخراجهنّ من المسجد، وأن يَضْرِبْنَ الأخبية في رَحْبة المسجد حتى يَطْهرن» رواه المحاملي وابن بطة وغيرهما (٢).

وظاهرُ كلام الخِرَقي (٣) الوجوبُ، على ظاهر أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لهنَّ بضرب الأخبية، ولأن رَحْبة المسجد فناؤه ومختصّة به، فمُقامها فيها ضَرْبٌ من العكوف، بخلاف ذهابها إلى دارها، فإنه خروجٌ عنه بالكلية من غير ضرورة، ولأن الخروج من المسجد إنما يباح للحاجة، والحكم المقيَّدُ بالحاجة مقدّر بقدرها، وإنما يحتاج في الخروج إلى الرَّحْبة خاصة، فذهابها إلى منزلها لا حاجة إليه، ولهذا قالوا: إذا أمكنه قضاءُ (٤) حاجة الإنسان في مكان قريب من المسجد، لم يَجُز له أن يذهب إلى منزله ... (٥)

فإن لم يكن للمسجد رَحْبة أو كانت رَحْبة لا يمكنها المُقام فيها، جاز لها الذهاب إلى منزلها.


(١) س: «قثنا».
(٢) ساق ابن مفلح إسناد ابن بطة في «الفروع»: (٥/ ١٦٧) وقال: «إسناد جيّد». وعزاه هو وابن قدامة في «المغني»: (٤/ ٤٨٧) إلى أبي حفص العُكبَري.
وأفاد د. سليمان العمير أن ابن بطة رواه في جزء «جواز اتخاذ السقاية في رحبة المسجد» وهو جزء مخطوط بجامعة أم القرى.
(٣) س زيادة: «على».
(٤) سقطت من المطبوع.
(٥) بياض في النسختين. وكذا الموضع بعده.