للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قلنا: هو شرط للوجوب، فمات قبل التمكُّن، أو أنفق ماله، أو هلك= لم يكن في ذمته شيء.

وإن قلنا: إنما هو شرط في لزوم السعي فإن الحج يثبت في ذمته، فإذا أنفق المال فيما بعد بقي الحج في ذمته. وإذا مات قبل التمكن أُخرِج عنه من تَرِكتِه، لكن لا إثم عليه بالموت (١)، وعليه الإثم بإنفاق المال مع إمكان إبقائه للحج. وإذا استقرَّ الحج في ذمته فعليه فعلُه بكل طريق يمكنه، من اكتساب مالٍ أو مشيٍ.

فإن قلنا: هما شرط في الوجوب، وهو قول أبي بكر وابن أبي موسى (٢)؛ فلأن الله تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]، بل هو أعجزُ عن (٣) أن يقدر على المشي أو اكتساب المال، وأعجزُ من المعضوب؛ لأنه لا يقدر أن يحج لا بنفسه ولا بنائبه بوجه من الوجوه، فكيف يبقى الحج في ذمته؟

ونحن وإن قلنا: إن العبادة تجب في الذمة قبل التمكُّن فإنما ذاك فيما أطلق وجوبه، كالصلاة والصيام والزكاة. فأما الحج فقد خُصَّ وجوبه بمن استطاع إليه سبيلا، فامتنع إيجابه على غير المستطيع بوجهٍ من الوجوه.

يبيِّن ذلك أن السبيل في الأصل هو الطريق والسبب، وكل ما يوصل إلى الشيء فهو طريق إليه وسبب فيه، فالتقدير: على (٤) من استطاع [ق ١٥٠]


(١) «وإذا مات ... بالموت» ساقطة من س.
(٢) في «الإرشاد» (ص ١٥٦). وانظر «الإنصاف» (٨/ ٦٩).
(٣) س: «من».
(٤) «على» ساقطة من س.