للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قلنا: ليسا بشرطٍ في الوجوب، وهو قول ... (١)، فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ما يوجب الحج؟ فقال: «الزاد والراحلة» (٢). وفسَّر الاستطاعة بذلك كما ذُكر في غير هذا الموضع، فلا تجوز الزيادة على ذلك، بل يعلم أن وجود ذلك موجب للحج. وذلك لأن الوجوب في الذمة إنما يعتمد القدرة على الفعل في الحال أو في المآل، بنفسه أو بنائبه، كوجوب الدين في الذمة. وهذا يجب في ذمته الحج ليفعله فيما بعدُ بنفسه إن أمكن، وإلا فبنائبه كالمعضوب. حتى لو فُرِض من لا يمكن الحج عنه في المستقبل مثل من يقدر عليه بعد آخر سنة يحج الناس فيها، لم يجب في ذمته، وهذا لأنه لا فرق بين هذا وبين المعضوب، إلا أن المعضوب يمكنه الإحجاج عنه في الحال بخلاف المصدود.

والتمكن من فعل العبادة إذًا ليس بشرط؛ لوجوبها في الذمة، بدليل أن صوم رمضان يجب على الحائض والمريض، لا سيما على أصلنا المشهور في الصلاة والزكاة والصوم. فإن كل من أمكنه قضاء العبادة وجبت (٣) في ذمته إذا انعقد سبب وجوبها. والزاد والراحلة بمنزلة شهود الشهر في رمضان، وبمنزلة حَوْل (٤) الحَولِ في الزكاة، فمن ملك ذلك و (٥) أمكن فعل الحج أداءً أو قضاءً وجب عليه.


(١) بياض في النسختين. ويراجع «الإنصاف» (٨/ ٦٨) لمعرفة القائلين به.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ق: «وجب».
(٤) س: «حوول».
(٥) الواو ساقطة من ق.