للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان وجوبه متقدمًا، وهو - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة في رمضان سنة ثمان، وأقام الحج للناس تلك السنة عتّاب بن أَسِيد أمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بعث أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - في سنة تسع، فأقام للناس الموسم، ومعه علي بن أبي طالب بسورة براءة ورجالٌ من المسلمين، فلو كان الحج واجبًا على الفور لبادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فعله. ولو فُرِض له عذرٌ فإن عامة أصحابه لم يحجوا إلّا معه حجة الوداع، ومحالٌ أن يكون ألوفٌ مؤلَّفة ليس فيهم مستطيع (١).

وأيضًا فإن الله تعالى أوجبه إيجابًا مطلقًا، وأمر به ولم يخصَّ به زمانًا دون زمان، فيجب أن يجوز (٢) فعله في جميع العمر.

ومن قال [به] (٣) من أصحابنا قال: إن الأمر المطلق لا يقتضي فعل المأمور به على الفور، لا سيما والحج هو عبادة العمر، فيجب أن يكون جميع العمر وقتًا له، كما أن الصلاة لما كانت عبادة وقت مخصوص، وقضاء رمضان لما كان عبادة سَنَةٍ مخصوصة (٤) = كان جميع ذلك الزمن وقتًا لها (٥).

وأيضًا فإنه لو وجب على الفور لكان فعله بعد ذلك الوقت قضاء، كما لو فعل الصلاة بعد خروج الوقت، وليس كذلك.


(١) «ولو فرض ... مستطيع» ساقطة من المطبوع.
(٢) ق: «يكون».
(٣) زيادة ليستقيم السياق.
(٤) أي أن قضاء رمضان يجوز في أي وقت مدة سنة إلى رمضان القادم.
(٥) في المطبوع: «له»، خلاف النسختين.