للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فقد مات منهم في تلك السنوات خلق كثير لم يحجوا، أفترى أولئك لقُوا الله (١) عاصين بترك أحد (٢) مباني الإسلام ولم ينبِّههم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولا قال لهم: احذروا تفوِيْتَه؟ مع أنه من لم يحج خُيِّر بين أن يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا. وقد عُلِم بغير ريب أن قبل الفتح لم يحج مسلم، وبعد الفتح إنما حج عتّاب بن أَسِيد على عادة الكفار وهَدْيهم، وإنما حج بعض أهل مكة، ثم في (٣) السنة الثانية أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفي المشركين عن البيت، وبأن لا يطوف بالبيت عارٍ (٤)، وإنما حج من المسلمين نفر قليل.

ثم إن حج البيت من فروض الكفايات، وقد قال ابن عباس: لو أن الناس تركوا الحج عامًا واحدًا لا يحج أحد ما نُوظِروا (٥) بعده. رواه سعيد (٦). فكيف يتركون المسلمون (٧) الحج (٨) بعد وجوبه سنة في سنة، فإن حج الكفار غير مُسقطٍ لهذا الإيجاب.

وأما قولهم: إنه فُرِض سنة خمس أو ست، فقد اختلف الناس في ذلك


(١) «لقوا الله» ساقطة من ق.
(٢) ق: «إحدى».
(٣) «في» ساقطة من س.
(٤) س: «عاري».
(٥) في المطبوع: «ما نظروه» خلاف النسختين. والمعنى: ما أُمهِلوا.
(٦) وأخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (٨١١) بإسناد ضعيف. وأخرج أيضًا (٨٥٢) من وجه آخر ضعيف أنه قال: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} قال: قيام دينهم، والذي نفسي بيده لو تركوه عامًا واحدًا ما نوظروا.
(٧) كذا في النسختين على لغة «أكلوني البراغيث».
(٨) «الحج» ساقطة من س.