للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أن البخاري أشار في حديث أبي هريرة إلى أنه لا يعرف السماع في رجاله. وهذا غير واجب (١) في العمل، بل العنعنة مع إمكان اللقاء، ما لم يُعلم أنَّ الراوي مدلس.

وثانيها: أنه قد تعددت طرقه، وكثرت مخارجه. وهذا مما يشدُّ بعضُه بعضًا، ويغلب على الظن أنَّ له أصلًا. وروي أيضًا مرسلًا، رواه سعيد عن مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا تطهَّر الرجل وذكر اسمَ الله طهُر جسدُه كلُّه. وإذا لم يذكر اسمَ الله لم يطهُر منه إلا مكانُ الوضوء" (٢).

وهذا وإن احتُجَّ به على أنَّ التسمية ليست واجبة، فإنه دليل على وجوبها؛ لأن الطهارة الشرعية: التي تطهِّر الجسد كلَّه حتى تصح الصلاةُ ومسُّ المصحف بجميع البدن، فإذا لم تحصل الشرعية حصلت (٣) الطهارة الحسِّية وهي مقتصرة على محلِّها، كما لو لم ينو.

وروى الدراوردي، ثنا محمد بن أبي حميد، عن عمر بن يزيد أنَّ رجلًا توضأ ثم جاء، فسلَّم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض عنه، وقال له: "تطهَّرْ". فرجع فتوضأ ثم اجتهد، فجاء فسلَّم، فأعرض عنه، وقال: "ارجع فتطهَّرْ". فلقي الرجل عليًّا فأخبره بذلك، فقال له علي: هل سمَّيتَ الله حين


(١) كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الصواب: "غير قادح".
(٢) لم أقف عليه، وعزاه في "كنز العمال" (٩/ ٤٥٧) إلى سعيد بن منصور، وجاء فيه الأثر عن مكحول قوله.
وأخرج الدارقطني (١/ ٧٣ - ٧٤)، والبيهقي (١/ ٤٤ - ٤٥) أحاديث مرفوعة بنحوه من طريق ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم -، وأسانيدها تالفة.
وأخرجه ابن أبي شيبة (١٧) من حديث أبي بكر - رضي الله عنه - موقوفًا عليه، وإسناده منقطع.
(٣) في المطبوع: "جعلت"، وهو تصحيف.