للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاضت الجارية، واحتلم الغلام، فرجعوا إلى عرفة قبل طلوع الفجر فقد أجزأت عنهم حجة الإسلام (١). ولا يُعرف لهم في السلف مخالف، قال أحمد (٢): ما أعلم أحدًا قال لا يُجزِئه إلا هؤلاء (٣).

ولأنه أتى بأركان الحج وواجباته من الإحرام والوقوف والطواف وغيره بعد الوجوب، فوجب أن يجزئه. وإنما أحرم قبل الوجوب، والإحرام فرض مستصحب في جميع النسك، فتقدُّمه على وقت وجوبه لا يضر، كما لو تطهَّر الصبي للصلاة ثم بلغ فصلى بتلك الطهارة فرضًا، بل أولى.

وهذا لأن ما فعله قبل البلوغ أسوأُ أحوالِه أن يكون وجوده كعدمه. ولو (٤) لم يحرم حتى بلغ، وهو بعرفات فأحرم حينئذٍ أجزأه بالإجماع، فكذلك إذا بلغ وهو محرم يجب أن يجزئه ما يأتي به من الإحرام بعد ذلك، ويكون ما مضى كأن لم يفعل.

ومن أصحابنا من قال (٥): يكون إحرامًا مُراعًى، فإذا أدرك الوقوف بالغًا تبيَّنّا أنه وقع فرضًا، وإلا فلا، كما أنه (٦) يجوز إبهامه وتعليقه، ويكون مُراعًى إن أدرك عرفة كان بحجٍّ، وإلا كان بعمرة. ويظهر أثر هذين الوجهين فيما


(١) أخرجه عنهما ابن أبي شيبة (١٤٩٧٠) بإسناد صحيح. وأخرج ابن أبي عروبة في «مناسكه» (١٢) عن قتادة أيضًا نحوه مختصرًا.
(٢) كما في «المغني» (٥/ ٤٦).
(٣) يقصد أصحاب الرأي.
(٤) في النسختين: «وهو». والتصويب من هامش نسخة س.
(٥) «قال» ساقطة من س. والقائل أبو يعلى في «التعليقة» (٢/ ١٧٦).
(٦) «أنه» ليست في س.