للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتمضمض ويستنشق بيمينه، ويستنثر بشماله، وأن يقدِّمهما على ظاهر الوجه، للسنة المستفيضة بذلك، ولأن تقديم الباطن أولى لئلا يخرج منه أذًى بعد غسل الظاهر، فيلوِّثَه. وأن يقدِّم (١) المضمضة، للسنّة، ولأن الفم أشرف وأحقُّ بالتطهير، وهو أشبه بالباطن.

وقوله: "يجمع بينهما" أي: الجمعُ بين المضمضة والاستنشاق بماء واحد أفضلُ من أن يفصل كلّ واحد بماء، لأن في حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه "تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا بثلاث غَرَفات". وفي لفظ: "تمضمض واستنشق من كفٍّ واحدٍ، فعَلَ ذلك ثلاثًا" متفق عليهما (٢). وفي لفظ: "تمضمض واستنثر ثلاثًا من غَرفة واحدة" رواه البخاري (٣). وكذلك في حديث ابن عباس (٤) وعثمان (٥) وغيرهما. وهذه الأحاديث أكثر وأصح من أحاديث الفصل، ولأن هذا يحصل معه الإسباغ مع الرفق، من غير سرَف.

ثم إن شاء تمضمض واستنشق الثلاث بغرفة واحدة إن أمكنه أن يُسبغ بها، وإن شاء بثلاث غَرفات؛ لأن الحديث جاء بهما. وإن فعل المضمضة بماء والاستنشاق بماء جاز، لأنه قد جاء في الأحاديث إما بغَرفتين، أو ستِّ غرفات.

وإذا جمعهما بماء واحد في غَرفة واحدة، أو فصَلَهما بماءين في ست


(١) في الأصل: "تقديم".
(٢) البخاري (١٩٢) ومسلم (٢٣٥).
(٣) برقم (١٩٩).
(٤) سيأتي تخريجه.
(٥) سيأتي تخريجه.