للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فقد روى يزيد بن أبي زياد عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: وقَّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المشرق العقيق. رواه أحمد وأبو داود والترمذي (١)، وقال: حديث حسن. فإن لم يكن هذا مفيدًا لوجوب الإحرام منها فلا بد أن يفيد الاستحباب.

قيل: هذا الحديث مداره على يزيد بن أبي زياد، وقد تكلّم فيه غير واحد من الأئمة، وقالوا: يزيد يزيد (٢).

ويدل على ضعفه أن حديث ابن عباس المشهور الصحيح قد ذكر فيه المواقيت الأربعة ولم يذكر هذا، مع أن هذا مما يقصد المحدث ذكره مع إخوته لعموم الحاجة إليه أكثر من غيره، فإن حجاج المشرق أكثر من حجاج سائر المواقيت.

وأن الناس أجمعوا على جواز الإحرام دونه، فلو كان ميقاتًا لوجب الإحرام منه كما يجب الإحرام من سائر ما وقّته النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ ليس لنا ميقات يستحب الإحرام منه ولا يجب. على أن [ق ١٧٤] قوله: «وقّت» لا يقتضي إلا وجوب الإحرام منه. قال ابن عبد البر (٣): أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرام من الميقات.


(١) أحمد (٣٢٠٥) وأبو داود (١٧٤٠) والترمذي (٨٣٢). وفيه علّتان: ضعف يزيد، وأن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس لا يُعلم له سماع من جدّه. انظر «التلخيص الحبير» (٢/ ٢٢٩).
(٢) أول من قاله شيخ البخاري أبو بكر الحميدي، وذلك ردًّا على من احتج بزيادة يزيد «ثم لا يعود» في حديث رفع اليدين عند افتتاح الصلاة. انظر «السنن الكبرى» للبيهقي (٢/ ٧٦).
(٣) في «التمهيد» (١٥/ ١٤٣) نحوه، والمؤلف ناقل عن «المغني» (٥/ ٥٧).