للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أردنا أن نأتيها شقَّ علينا، فقال: انظروا حَذْوَها من طريقكم. قال: فحدَّ لهم ذات عِرْق (١). فلم يأمرهم عمر والمسلمون بالمرور بقَرْنٍ، بل جعلوا ما يحاذيها بمنزلتها.

وذلك لأن الإحرام مما يحاذي الميقاتَ بمنزلة الإحرام من نفس الميقات، فإنه إذا كان بُعْدُهما عن البيت واحدًا لم يكن في نفس الميقات مقصود، ولأن في الميل والتعريج إلى نفس الموقَّت (٢) مشقةً عظيمة، وإنما يُحرم مما يقرب منه إذا حاذاه؛ لأنه لما كان أقرب المواقيت إليه وإلى طريقه إذا مرَّ كان اعتباره في حقه أولى من اعتبار البعيد كما لو مرَّ به نفسه، فلو مرَّ بين ميقاتين وكان قربه إليهما (٣) سواء، أحرم من حَذْوِ أبعدهما من مكة، كما لو مرَّ في طريقه على ميقاتين فإنه يحرم من أبعدهما؛ لأن المقتضي للإحرام منه موجود من غير رجحان لغيره (٤) عليه.

ويعرف محاذاته للموقَّت وكونه هو الأقرب إليه بالاجتهاد والتَحَرّي، فإن شكَّ فالمستحبُّ له الاحتياط، فيحرم من حيث يتيقَّن (٥) أنه لم يجاوز حذوَ (٦) الميقات القريب إليه إلا محرمًا، ولا يجب عليه ذلك حتى يغلب على ظنه أنه قد حاذى الميقات الأقرب.


(١) سبق تخريجه (ص ١٨٣).
(٢) س: «الوقت».
(٣) س: «قربهما إليه».
(٤) ق: «لغير».
(٥) س: «تيقن».
(٦) «حذو» ساقطة من س.