للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركب فلما استقلَّت به ناقته أهلَّ، فأدرك ذلك منه أقوام فحفظوا عنه، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أَرْسالًا، فسمعوه حين استقلَّت به ناقته، ثم مضى فلما علا على شرف البيداء أهلَّ، فأدرك ذلك أقوام فقالوا: إنما أهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين علا شرفَ البيداء، وأيْمُ اللهِ لقد أوجبَ في مصلَّاه، وأهلَّ حين استقلَّت به راحلته، وأهلَّ حين علا على شرف البيداء.

ورواه الأثرم (١) وقال: أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإحرام حين فرغ من صلاته، ثم خرج فلما ركب راحلته واستوت به ناقته أهلَّ. ولعل هذا اللفظ هو الذي اعتمده بعض أصحابنا.

ورُوي [في حديث آخر] (٢) عن ابن عباس أنه قال: أهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد ذي الحليفة وأنا معه، وناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند باب المسجد وابن عمر معها، ثم خرج فركب فأهلَّ، فظنَّ ابن عمر أنه أهلَّ في ذلك الوقت.

وهذه رواية مفسّرة فيها زيادةُ علمٍ واطلاعٍ على ما خفي في غيرها، فيجب تقديمها (٣) واتباعها، وليس هذا مخالفًا لما تقدَّم عنه أنه أهلَّ حين استوت به على البيداء؛ لأن تلك الرواية بعض هذه.

وعن أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) كما في «التعليقة» (١/ ١٦٩).
(٢) بياض في النسختين، والمثبت من «التعليقة» (١/ ١٦٩) وهذه هي رواية الواقدي التي أشار إليها البيهقي كما سبق النقل عنه آنفًا. أخرجها أبو جعفر ابن البختري في «الجزء الرابع من حديثه» (١٧٧) من طريق الواقدي، عن عمر بن محمد الأسلمي، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة، عن ابن عباس بنحوه. والواقدي والأسلمي ضعيفان، بل متروكان.
(٣) في المطبوع: «التقيد بها»، تحريف.