للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولها: «لا نذكر حجًّا ولا عمرة» تعني في التلبية؛ لأنها قد بيَّنت في رواية أخرى أن منهم من أهلّ بالحج، ومنهم من أهلّ بالعمرة، ومنهم من قرنَ بينهما، وأنها كانت هي متمتعة.

وقولها: «فالآخذُ بها والتاركُ لها» من الصحابة (١)، هذا كان بسَرِف قبل أن يقدَموا مكة؛ لأنه كان إذنًا ولم يكن أمرًا، فلما قدموا جزم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمر، وتردَّد بعض الناس، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - على من تردَّد، فأطاعوا الله ورسوله وتمتَّعوا، وتوجَّع النبي - صلى الله عليه وسلم - على كونه لم يُمكنِه موافقتُهم في الإحلال من أجل هديه. وبيَّن ذلك ما روى عبيد الله (٢) بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت: منّا مَن أهلّ بالحج مفردًا، ومنّا من قرنَ، ومنّا من تمتَّع. رواه البخاري (٣).

وروى الزهري عن عروة (٤) عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فمنّا من أهلّ بعمرة، ومنا من أهلّ بحج، فقدِمْنا مكة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحرم بعمرة ولم يُهدِ فليحللْ، ومن أحرم بعمرة فأهدى فلا يحلّ حتى يحلّ بنحر (٥) هَدْيه [ق ١٩٨]، ومن أهلَّ بحج فليتمَّ حجه»، قالت: فحِضْت، فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة ولم أُهلِلْ إلا بعمرة، فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أنقض رأسي، وأمتشط، وأُهِلَّ بالحج، وأترك العمرة،


(١) س: «أصحابه».
(٢) في المطبوع: «عبد الله»، خطأ.
(٣) بل مسلم (١٢١١/ ١٢٤). وروى البخاري (١٥٦٢، ٤٤٠٨) من طريق أبي الأسود عن عروة عن عائشة نحوه، وسيأتي ذكره.
(٤) «عن عروة» ساقطة من المطبوع.
(٥) في النسختين: «نحر». والتصويب من البخاري.