للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصةً يا رسول الله؟ قال: «لا، بل للأبد».

وفي رواية عن أبي شهاب (١) قال: قدمتُ متمتعًا مكةَ (٢) بعمرة، فدخلنا قبل التروية بثلاثة أيام، فقال لي أُناسٌ (٣) من أهل مكة: تصير الآن حجتك حجةً مكيةً، فدخلتُ على عطاء أستفتيه، فقال: حدثني جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ ساقَ البُدْن معه، وقد أهلُّوا بالحج مفردًا، فقال لهم: «أحِلُّوا من إحرامكم بطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، وقصِّروا ثم أقيموا حلالًا، حتى إذا كان يوم التروية فأهِلُّوا بالحج، واجعلوا التي قدِمتم بها متعة». فقالوا: كيف نجعلها متعة، وقد سمَّينا الحج؟ فقال: «افعلوا ما أمرتكم، فلولا أني سقتُ الهدي لفعلتُ مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحلُّ مني حرام حتى يبلغ الهديُ محلَّه» ففعلوا (٤). متفق عليه. وهذان للبخاري.

ولمسلم (٥): فقلنا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمسٌ أمرنا أن نُفْضي إلى نسائنا، فنأتي عرفة تَقْطُر مذاكيرُنا المنيَّ! قال جابر بيده كأني أنظر إلى قوله بيده يُحرِّكها، قال: فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فينا، فقال: «قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم وأبرُّكم، ولولا هديي لحللتُ كما تحِلُّون، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أسُقِ الهديَ، فحِلُّوا»، فحللنا، وسمعنا وأطعنا.


(١) في النسختين: «ابن شهاب» خطأ.
(٢) في المطبوع: «قدمت مكة متمتعًا»، خلاف ما في النسختين والبخاري.
(٣) في المطبوع: «ناس».
(٤) أخرجه البخاري (١٥٦٨).
(٥) رقم (١٢١٦/ ١٤١). ونحوه عند البخاري (٧٣٦٧).