للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك أم سلمة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرت الرجل أن يعتمر قبل أن يحج، واحتجت أم سلمة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أهِلُّوا يا آلَ محمد بعمرة في حج» (١). فعُلِم أن المعتمر في أشهر الحج قد أهلّ بعمرة في حجة.

وفي حديث سَبْرة بن معبد: «إن الله قد أدخل عليكم في حجكم عمرةً، فإذا قدِمتم فمن تطوَّف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حلَّ، إلا من كان معه هدي» (٢).

وهذا لأن المتمتع إنما يريد الحج الأكبر، وله يسافر، وإليه يقصد، ويدخل في ضمن حجِّه عمرةٌ؛ ولهذا قال: «عمرة في حجة». فعُلِم أنها عمرة تُفعَل في أثناء حجة، ولو كان ذلك القران لقال (٣): «حجة فيها عمرة»؛ لأنه إنما يحرم بالحج، والعمرة تدخل بالنية فقط، وقوله: «عمرة وحجة» لا يخالف ذلك؛ لأن المتمتع بالعمرة إلى الحج أقربُ إلى أن يكون أتى بعمرة وحجة من القارن الذي لم يزد على عمل الحاج.

فهؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخبروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالمتعة، وأنهم تمتَّعوا معه، وأنها كانت آخر الأمرين، وأخبروا أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمتَّع، لكن هل كانت متعة عمرةٍ أو متعة قرانٍ؟ هذا هو الذي وقع التردد فيه.

وكذلك اختلفت الرواية عن الإمام أحمد؛ هل الأفضل في حقِّ من ساق الهدي أن يتمتَّع بعمرة، أو أن يَقرِن بينهما؟ فروي عنه أن القران أفضل بناءً على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا.


(١) حديث صحيح، سبق تخريجه.
(٢) حديث حسن، سبق تخريجه.
(٣) ق: «لكان».