للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمرة فليجعلها عمرة». رواه مسلم (١).

وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج. رواه ابن ماجه (٢). وفي حديثه المتفق عليه (٣): «أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالحج». وجابر من أحسن الناس سياقًا لحجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يقول (٤): «لسنا نَنْوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة». وإذا ثبت أنه أهلَّ بالحج، فيجب أن تُحمل رواية من روى أنه تمتَّع: على أنه أمر به أصحابه لما أمرهم بالفسخ وهو لم يفسخ، وما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أفضل مما فعله غيره، لا سيما فيما لا (٥) يتكرر منه؛ فما كان الله ليؤثِرَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - إلا بأفضل السبل والشرائع.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لما سقتُ الهدي ولجعلتُها متعةً» إنما قال ذلك لما رآهم قد كرهوا المتعة، فأحبَّ موافقتهم، وإن كان ما معه أفضل. وقد يُؤثِرُ المفضولَ إذا كان فيه اتفاق القلوب، كما


(١) رقم (١٢٤٠).
(٢) رقم (٢٩٦٦) من طريق الدراوردي وحاتم بن إسماعيل، عن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جابر. والظاهر أن هذا لفظ الدراوردي دون حاتم، فإن المحفوظ في حديث جابر من رواية حاتم ــ كما عند مسلم وغيره ــ أنه لم يذكر هذه اللفظة، وإنما فيه حكاية جابر عن نفسه والصحابة: «لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة»، وبنحوه رواه غيره من الثقات عن جعفر به، لا يذكرون هذه اللفظة. والدراوردي متكلّم في حفظه، فتفرُّده بهذه اللفظة في حديث جعفر عن أبيه عن جابر يعدُّ منكرًا. وانظر «حجة الوداع» لابن حزم (ص ٧١٣).
(٣) البخاري (١٦٥١، ١٧٨٥) ومسلم (١٢١٦). واللفظ للبخاري.
(٤) في حديثه الطويل الذي أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٥) «لا» ليست في ق.