للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمن أفرد الحج من الخلفاء الراشدين، فإن أحدًا منهم لم يُنقَل عنه أنه اعتمر في سفرته تلك، وإنما كانوا يحجون ويرجعون، ويعتمرون في وقت آخر أو لا (١) يعتمرون، وإفراد الحج على هذا الوجه أفضل من المتعة.

الثالث: أن آخر الأمرين منه كان التأسُّف على المتعة؛ لأنه رأى الإحلال أفضل، كما في حديث جابر، وهو لم يكن يشك في جواز العمرة في أشهر الحج حتى يعتقد ما اعتقد (٢) في أصحابه من أنهم فسخوا؛ لكونهم لم يكونوا يجوِّزون العمرة في أشهر الحج.

وأما كون المتعة تفتقر إلى دم، فذلك الدم دم نسك، بدليل أنه يجوز التمتع لغير عذر، ودماء الجبارين (٣) لا يجوز إلزامها (٤) إلا لعذر، وبدليل جواز الأكل منه، كما نطقت به الأحاديث الصحيحة.

ثم نقول: وإن كان دم جبران فهو مخيَّر بين استدامة الإحرام بلا جبران، وبين الإحلال والجبران. وهذا أفضل؛ لأن كلامهم (٥) فيمن يعتمر في ذي الحجة من أدنى الحل، وهذه العمرة ليست بطائل. فالإحلال (٦) والدم والعمرة في أثناء الحج أفضل منها.

وهذا هو الجواب عن قولهم: المفرِد يأتي بنسكين تامّين، فإنه متى أتمَّ


(١) ق: «ولا».
(٢) في المطبوع: «اعتقده».
(٣) س: «الجبران»، وفي هامشها التصويب. وكأنها جمع «جُبران».
(٤) في المطبوع: «التزامها».
(٥) ق: «الكلام».
(٦) «فالإحلال» ليست في س.