للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: «اغتسلي، ثم أهلّي بالحج». ففعلت، ووقفت المواقف كلها، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة (١) وبالصفا والمروة، ثم قال: «قد حللتِ من حجك وعمرتك جميعًا»، قالت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حين حججت، قال: «فاذهب بها يا عبد الرحمن، فأعمِرْها من التنعيم»، وذلك ليلة الحصبة. متفق عليه (٢).

فهذا نصٌّ في أنه لا يجب عليها قضاء العمرة، وأن الطواف الذي طافته (٣) يوم النحر بالبيت وبين الصفا والمروة يسعُها لحجها وعمرتها، وأنها باقية على عمرتها مقيمة عليها، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بقضاء العمرة حتى ألحَّت عليه.

ويؤيِّد ذلك أن عامة الروايات تدلُّ على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها ابتداءً بالعمرة، ولو كان القضاء واجبًا عليها لما أهمل النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر به حتى تطلب هي ذلك، بل كان أمرها بذلك، بل أعلَمها (٤) به حين قال لها: «اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» بأن يقول: فإذا حللتِ فاقضي عمرتك.

ويؤيِّد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى عنها، وبعث إليها من هدْيِها (٥). فعُلِم أنه كان دم نسك؛ لأنه لو كان دم جناية لم يجز الأكل منه.


(١) س: «بالبيت». وفي هامشها التصويب.
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٣/ ١٣٦). وعند البخاري (١٦٥١، ١٧٨٥) حديث جابر بسياق آخر.
(٣) ق: «طافت».
(٤) في المطبوع: «أعملها».
(٥) ثبت ذلك من حديثها في «الصحيحين»، وقد سبق لفظه (ص ٢٩١).