للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: " {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]؛ لأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي توزيع الأفراد على الأفراد. فلما قال: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] عُلِم أنَّ في كلِّ رجلٍ كعبين، كأنه قال: وكلَّ رجلٍ إلى كعبيها.

ودلَّنا على مراد الله من كتابه رسولُه المُبَيِّن عنه ما أنزل إلينا، فإنّ سنته (١) تفسِّر الكتاب وتبيِّنه، وتعبِّر عنه وتدلّ عليه، فإنَّ الذين وصفوا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل عثمان وعلي وعبد الله بن زيد وعبد الله بن عباس والمقدام بن معدي كرب والربيِّع بنت معوِّذ - رضي الله عنهم - وغيرهم أخبروا أنه غسَلَ رجلَيه.

وفي "الصحيحين" (٢) عن عبد الله بن عمرو قال: "تخلَّف عنّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرة، فأدركَنا، وقد أرهقنا العصرَ، فجعلنا نتوضَّأ ونمسح على أرجلنا، قال: فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار" مرّتين أو ثلاثًا متفق عليه.

وفي "الصحيح" عن أبي هريرة وعائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ويل للأعقاب من النار" (٣). وروى هذا المتن جماعة من الصحابة منهم جابر (٤)، وخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة (٥).


(١) في المطبوع: "سننه"، والمثبت من الأصل.
(٢) البخاري (١٦٣) ومسلم (٢٤١).
(٣) حديث أبي هريرة في البخاري (١٦٥) ومسلم (٢٤٢) وحديث عائشة في "صحيح مسلم" (٢٤٠).
(٤) أخرجه أحمد (١٤٣٩٢) وابن ماجه (٤٥٤) وأبو عوانة في "مستخرجه" (٦٨٩) وغيرهم من طريقين جيّدين عن جابر. ولفظه في بعض الروايات: "ويل للعراقيب من النار".
(٥) أخرجه من حديث هؤلاء الثلاثة ابن ماجه (٤٥٥) وابن خزيمة (٦٦٥). قال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد حسن، ما علمت في رجاله ضعفًا.