للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد (١)، قثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري قال: كان ناس من الأنصار إذا أهلُّوا بالعمرة لم يَحُلْ بينهم وبين السماء شيء، يتحرَّجون من ذلك، فكان الرجل يخرج مُهِلًّا بالعمرة، فتبدو له الحاجة بعدما يخرج من بيته، فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف البيت أن يحول بينه وبين السماء، فيقتحم الجدارَ من ورائه، ثم يقوم في حجرته، فيأمر بحاجته، فتُخرَج إليه من بيته، حتى بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ زمنَ الحديبية بالعمرة، فدخل حجرته، فدخل على أثره رجل من الأنصار من بني سلمة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني أحْمَسُ» (٢). قال الزهري: وكانت الحُمْس لا يبالون ذلك، فقال الأنصاري: وأنا أحمسُ، يقول: وأنا على دينك، فأنزل الله عز وجل: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}.

وعن البراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية فينا؛ كانت الأنصار إذا حجُّوا فجاءوا لم يدخلوا من قِبَلِ أبواب البيوت، فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه، وكأنه عيّر بذلك، فنزلت: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} متفق عليه (٣).

وفي رواية صحيحة لأحمد (٤) عن البراء قال: كانوا في الجاهلية إذا


(١) لم أجده عنده، ولكنه عند عبد الرزاق في «تفسيره» (١/ ٧٢ - ٧٣) ومن طريقه أخرجه الطبري (٣/ ٢٨٦). وهو مُرسل، لكنه يتقوّى بما سيأتي.
(٢) مفرد «الحُمْس»، وهم قريش وكنانة وجديلة ومن تابعهم في الجاهلية، سُمُّوا بذلك لتحمُّسِهم في دينهم أي تشدُّدهم فيه. وقيل لغير ذلك. انظر «تاج العروس» (حمس).
(٣) البخاري (١٨٠٣) ومسلم (٣٠٢٦).
(٤) لم أجدها عنده، وقد أخرجها الطبري (٣/ ٢٨٣). وهي بنحوها عند البخاري في «صحيحه» (٤٥١٢).