للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاز له الحِلاق.

ووجه المشهور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه معه وخلفاءه من بعده والتابعين لهم بإحسان إنما حجُّوا ضَاحِين بارزين، لم يتخذوا مَحْمِلًا ولا قبةً ولا ظُلَّة على ظهور الدواب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لتأخذوا عنّي مناسككم» (١). ولهذا عدَّ السلف هذا بدعة. والضَّحَى للمحرم أمر مسنون بلا ... (٢).

وقد روي عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من مُحرمٍ يَضْحَى لله يومَه يلبِّي حتى تغيبَ الشمس إلا غابت بذنوبه». رواه ابن ماجه (٣).

وقد كانوا في أول الإسلام يُسرِفون في البروز والضَّحى، حتى يمتنع أحدهم من الدخول من الباب مبالغةً في الامتناع من تخمير الرأس، ثم إن الله سبحانه نهاهم عن الدخول من ظهور البيوت، وأمرهم بالدخول من أبوابها، ولم يعِبْ عليهم أصلَ الضَّحى والبروز، [ق ٢٤٣] فعُلِم أنه سبحانه أقرَّهم على ذلك ورضيه منهم، وأنه لا بأس بدخولٍ ومُكثٍ لا يقصد الاستظلال (٤) ونحو ذلك من الظل. ولو عاب عليهم نفس التحرُّج من الاستظلال لقال: وليس البرُّ في البروز أو في الضَّحى ونحو ذلك، كما أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي إسرائيل لأنه لم يكن محرمًا، والضَّحى لمجرد الصوم لا يُشْرع، ولهذا نهاه عن الصمت والقيام في غير عبادة، وإن كان ذلك مشروعًا للمصلِّي؛ ولأنه قصد ذلك وأراده، وصار دخولهم البيوت مثل نزْعِ المحرم


(١) سبق تخريجه.
(٢) بياض في النسختين.
(٣) حديث ضعيف سبق تخريجه.
(٤) بعدها في المطبوع: «منه». وليست في النسختين.