للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدم أنها كانت تُطيِّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإحرام.

وعن عائشة قالت: كنا نخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة، فنَضْمِد جباهنا بالسُّكِّ (١) المطيَّب عند الإحرام، فإذا عرِقتْ إحدانا سال على وجهها، فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهانا. رواه أبو داود وأحمد (٢)، ولفظه (٣) عنها: «أنهن كنّ يخرجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهن الضِّمادُ، قد أَضْمَدْن (٤) قبل أن يُحرِمن، ثم يغتسلن وهو عليهن، يَعْرَقْن ويغسلن (٥) لا ينهاهن عنه».

ولأن الطِّيب بمنزلة النكاح لأنه من دواعيه، فإذا كان إنما يُمنَع من ابتداء النكاح دون استدامته فكذلك الطيب.

وأيضًا فإن الطيب إنما يُراد به الاستدامة كالنكاح، فإذا مُنع من ابتدائه لم يُمنَع من استدامته، وعكسه اللباس، فإنه لا يراد للاستدامة.

ولأن الطيب من جنس النظافة من حيث يُقصَد به قطع الرائحة الكريهة، كما يُقصَد بالنظافة إزالة ما يجمعه (٦) الشَّعر والظُّفر من الوسخ. ثم استُحبّ قبل الإحرام أن يأخذ من شعره وأظفاره لكونه ممنوعًا منه بعد الإحرام، وإن بقي أثره. فكذلك استُحبّ له التطيُّبُ قبله وإن بقي أثره بعده.


(١) في النسختين: «بالمسك»، تحريف، والتصويب من «سنن أبي داود». والسك: ضرب من الطيب يُركَّب من مسك ورامك.
(٢) أبو داود (١٨٣٠) ــ واللفظ له ــ وأحمد (٢٤٥٠٢) بإسناد صحيح.
(٣) في النسختين: «ولفظ» وفي هامشهما: «لعله: وفي لفظ عنها، أو ولفظه عنها أي أحمد».
(٤) كذا في النسختين وفي بعض نسخ «المسند»: «اضطَمَدْن». والمعنى: لطخنَ جباههن بالطيب وشددنها بخرقة أو لفافة.
(٥) كذا في النسختين، وفي «المسند»: «يغتسلن».
(٦) في المطبوع: «يجمع» خلاف النسختين.