للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في رواية حرب (١): أما الطيب فلا يقربه، والريحان ليس هو مثل الطيب.

وهذا لأن المقصود من التطيُّب وجود رائحة الطيب، فإذا تعمّد الشمّ فقد أتى بمقصود المحظور، بل اشتمامه للطيب أبلغ في الاستمتاع والترفُّه من حمل طيبٍ لا يجد ريحه، بأن يكون ميتًا أو نائمًا أو أخشمَ (٢).

ولأن الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في شمّ المُحرِم الريحان، فمن جعله طيبًا منعه، ومن لم يجعله طيبًا لم يمنعه (٣). ولولا أن الشمّ المجرَّد يحرم امتنعت هذه المسألة؛ لأن الرياحين لا يُتطيَّب بها، فعلى هذا إن تعمّد شمَّ المسك والعنبر ونحوهما (٤) من غير مسّ فعليه الكفارة، وإن جلس عند العطّارين قصدًا لشمِّ طيبهم، أو دخل الكعبة وقت تخليقها وتجميرها (٥) ليشمَّ طيبها، لزمته الكفارة، وإن ذهب لغير اشتمام فوجد الريح من غير قصدٍ لم يُمنع من ذلك، كما لو سمع الباطل من غير أن يقصد سماعه، أو رأى المحرَّم من غير أن يقصد الرؤية، أو مسَّ حكيمٌ (٦) امرأةً من غير أن يقصد مسَّها، وغير ذلك من إدراكات الحواسّ بدون العمد والقصد، فإنه لا


(١) كما في «التعليقة» (١/ ٣٩٥).
(٢) هو الذي أصابه داء في أنفه فأفسده، فصار لا يشمّ.
(٣) أجازه ابن عباس، ومنعه ابن عمر وجابر ــ - رضي الله عنهم - ــ. انظر «مصنف ابن أبي شيبة» (١٤٨١٩ - ١٤٨٢٨) و «سنن البيهقي الكبرى» (٥/ ٥٧).
(٤) في المطبوع: «ونحوها».
(٥) «وتجميرها» ساقطة من المطبوع.
(٦) هو الطبيب.