للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول أحمد (١): «من يرخّص في الريحان يرخّص في الحنّاء» دليل على أنه عنده بمنزلة الريحان في كونه نباتًا له رائحة طيبة، ولا يتخذ للتطيُّب. فعلى هذا إذا منعنا من الريحان منعنا من الحنّاء.

ويتوجه أن لا يُكْره بحالٍ؛ لأن أحمد قال: «من رخّص في الريحان رخّص فيه»، ولم يقل: من منع من الريحان منع منه (٢)؛ لأنه أولى بالرخصة من الريحان، إذ الريحان يُقصد شمُّه، والحنّاء لا يُقصد شمُّه، فلا يلزم من كراهة الريحان كراهته، كما لم يكره المعصفر، فإذا كان زينةً كُرِه لغير حاجة، كما ذكره في رواية ابن أبي حرب، وعلى ذلك أصحابنا.

ويحتمل قوله الرخصةَ مطلقًا؛ لأنه قال: «ومن يرخِّص في الريحان يرخّص فيه»، والريحان على إحدى الروايتين لا كراهة فيه؛ ولأنه إنما نقل الكراهة عن عطاء (٣).

فأما لحاجة فلا يكره، كما قال في رواية حنبل، وعلى ذلك يحمل ما روي عن عكرمة أن عائشة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يختضبن وهنّ حُرُم. رواه ابن المنذر (٤).


(١) في رواية الميموني المذكورة.
(٢) «منع منه» ساقطة من المطبوع.
(٣) كما في رواية ابن أبي حرب المذكورة.
(٤) عزاه إليه أبو يعلى في «التعليقة» (١/ ٣٩١). وقال ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (٣/ ٢٦٢): «وقد روِّينا عن عكرمة ... » إلخ، ولعلّه ساق إسناده في «الأوسط»، ولكن كتاب الحج منه في عداد المفقود. وقد أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (١٠/ ٧١) من طريق ابن جريج قال: أُخبرتُ عن عكرمة قال: (فذكره). وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١١١٨٦) عن ابن عباس بإسناد ضعيف.