للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ [حُرُمًا]} [المائدة: ٩٦]، وفي قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} مطلقا، ثم أردفه بقوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ [حُرُمًا]} بيان أن صيد البحر حلال لنا، مُحلِّين كنّا أو محرمين، لاسيّما وقد ذكر ذلك عقيب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} إلى قوله: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى آخر الآية [المائدة: ٩٤ - ٩٥]، ثم قال: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} فكان هذا مبينًا ومفسرًا لما أطلقه في قوله: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ [مِنَ الصَّيْدِ]}، وفي قوله: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، وقوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١]. وهذا مما أُجمع عليه.

قال ابن أبي موسى (١): والدجاج الأهلي ليس بصيدٍ قولًا واحدًا، وفي الدجاج السندي روايتان: إحداهما: أنه صيد، فإن أصابه محرم فعليه الجزاء. والرواية الأخرى: ليس بصيد، ولا جزاء فيه.

القسم الثاني: صيد البر، فهذا يحرم عليه في الجملة؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: ١]، فإنما أباح لهم (٢) بهيمة الأنعام في حال كونهم غير مستحلّي الصيد في إحرامهم، وقال سبحانه: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)


(١) في «الإرشاد» (ص ١٧٠).
(٢) «لهم» ساقطة من س.