للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما غسل الميامن قبل المياسر، فلأن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبُّ التيامن في تنعُّله وترجُّله وطَهوره، وفي شأنه كلِّه. متفق عليه (١). ولأن الذين وصفوا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدؤوا بالميامن قبل المياسر (٢). ولأن الوضوء مما يشمل (٣) العضوين، وهو من باب الكرامة، فقدِّمت فيه اليمنى، كالانتعال ودخول المسجد والترجُّل.

وهو سنّة، فلو قدَّم اليسرى جاز، نصَّ عليه، لأنَّ مخرجهما في كتاب الله واحد، لم يقدِّم إحداهما على الأخرى. وهذا معنى قول علي - رضي الله عنه -: ما أبالي إذا أتممتُ وضوئي، بأي أعضائي بدأتُ (٤). كذلك جاء عنه مفسَّرًا.

وقد روى قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه أنَّ عليًّا سئل، فقيل له: أحدنا يستعجل، فيغسل شيئًا قبلَ شيء؟ فقال: لا، حتى يكون كما أمر الله. رواه الإمام (٥) أحمد (٦).


(١) البخاري (١٦٨) ومسلم (٢٦٨).
(٢) كما تقدم في مسألة غسل الرجلين.
(٣) في الأصل والمطبوع: "يشتمل"، فلعل صوابه ما أثبتنا أو سقطت "على" بعد الفعل.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٤٢٢)، والدارقطني (١/ ٨٩).
(٥) "الإمام" ساقط من المطبوع.
(٦) لم أجده في "المسند"، وهو في كتاب الأثرم عنه كما أشار إليه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٢٢٣)، وأورده ابن قدامة في "المغني" (١/ ١٩٠) بإسناد أحمد، وفي قابوس مقال، وكذا في سماع أبيه من علي.