للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعُلِم أن المثل حيوان، ولهذا يقول الفقهاء في الأموال: ذوات الأمثال، وذوات القيم، وهذا الشيء يُضمن (١) بمثله، وهذا يُضمن بقيمته. والأصل [ق ٢٩٣] بقاء العبارات على ما كانت عليه في لغة العرب الذين (٢) نزل القرآن بلسانهم، وقيمة المتلف لا يسمَّى مِثلًا.

الثاني: أن الله أوجب المثل من النعم احترازًا من إخراج المثل من نوع المقتول، فإنه لو أطلق المثل لفُهِم منه أن يُخرَج عن الضبع ضبع، وعن الظبي ظبي (٣). ولو كان المثل هو قيمة المقتول لكان الواجب في ذمة القاتل قيمة الصيد، ثم إنه يصرفها في شِرى هدي، أو شِرى صدقة، وحينئذٍ فلا فرق بين الهدي وبين الصدقة حتى يجعل المثل من أحدهما دون الآخر.

الثالث: أن قوله: {مِنَ النَّعَمِ} بيان لجنس المثل، كقولهم: باب من حديد وثوب [من] (٤) خزّ، وذلك يوجب أن يكون المثل من النعم، ولو كان المثل هو القيمة والنعم مَصرِف لها لقيل: جزاء مثل ما قتل في النعم.

الرابع: أنه لو كان المراد بالمثل القيمة لم يكن فرقٌ بين صرفها في الهدي والصدقة، وكذلك لو أريد بالمثل الهديُ باعتبار مساواته للمقتول في القيمة، فإن الهدي والقيمة مثلٌ بهذا الاعتبار، وكان يجب على هذا أن يقال: (فجزاءُ مثلِ ما قتل من النعم هديًا بالغ الكعبة أو كفارةٍ طعامِ مساكين) بالخفض، والتقدير: فجزاء مثل المقتول من النعم ومن الكفارة، فإنهما على


(١) في المطبوع: «يضمنه».
(٢) ق: «الذي».
(٣) في النسختين: «الضبي ضبي».
(٤) زيادة من هامش نسخة ق.