للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبي موسى (١): لو سها عن الهدي إلى أن وصل إلى بلده لزمه إنفاذُ هديٍ يُنْحر بالحرم، لا يجزئه غير ذلك.

وهذا لأن العبادات الموقَّتة إذا أُخِّرت عن وقتها لعذْرٍ (٢) وشُرِع قضاؤها لم تحتج إلى شيء آخر، مثل الصوم إذا أفطر لمرض أو سفر، والصلاة إذا أخّرها لنوم أو نسيان، بخلاف من أخَّرها تأخيرًا محرمًا، فإنه يأثم بذلك فيحتاج إلى كفارة ماحية. والعذر هنا مثل النسيان ونحوه مما لا يُسقِط وجوب الهدي (٣). فأما ضِيق النفقة وضياعها أو عَدم النَّعم ــ كما ذكره القاضي وأبو الخطاب ــ فهذا يمنع وجوب الهدي، ويجعل فرضَه الصومَ، فإذا لم يصم فهي المسألة الآتية، وإن صام فليس عليه شيء آخر إلا أن يكون واجدًا حين أحرم بالحج، فترك الصوم لذلك، فلما كان وقت الذبح ضاعت النفقة أو عُدمت النَّعم، أو كان قد ابتاع هديًا فضلَّ (٤)، فهنا هو معذور بترك الصوم والذبح.

وبكل حالٍ إذا وجب عليه الهدي ولم يُهدِ (٥) سواء كان موسرًا أو معسرًا بعد ذلك؛ لأن الهدي قد استقرَّ في ذمته.

وأما الصوم صومُ الثلاثة إذا فوَّته بعد وجوبه ــ وفواتُها أن لا يصومها قبل النحر في رواية، وفي رواية: أن لا يصومها إلى أن تنقضي أيام التشريق ــ


(١) في «الإرشاد» (ص ١٦٧).
(٢) في المطبوع: «تعذر»، تحريف.
(٣) «وجوب الهدي» ساقطة من المطبوع.
(٤) في النسختين والمطبوع: «فظل» تحريف.
(٥) كذا في النسختين. ولعل صواب العبارة: «وبكل حال وجب عليه الهديُ إذا لم يُهدِ» وبه يستقيم المعنى.