للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣].

لأن الله قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، ثم قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، والهدي المطلق إنما هو ما أُهدِي إلى الحرم بخلاف النسك، ثم إنه قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}. وهدي المحصر داخل في هذا، لا سيما وقد تقدم ذكره.

ومحلُّ الهدي الحرمُ، لقوله سبحانه: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.

[ق ٣١٤] ولأنه لو كان محلُّه موضع الحصر لكان قد بلغ محلَّه، ومن قال هذا زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نحر بالحرم، وأن طرف الحديبية من الحرم.

ووجه الأول (١): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما صدَّهم المشركون عن العمرة زمن الحديبية نحروا وحلقوا بالحديبية عند الشجرة، وهي من الحلّ.

ولأن الحلّ موضع للتحلُّل في حق المحصر، فيكون موضعًا للنحر كالحرم، وهذا لأن محلّ شعائر الله إلى البيت العتيق من الأعمال والهدي، فمتى طاف المحرم بالبيت فقد شرع في التحلل، ومتى وصلت الهدايا إلى الحرم فقد بلغت محلَّها. وهذا عند القدرة والاختيار.

فأما في موضع العجز فقد جوَّز الله للمُحْصَر أن يحلَّ من إحرامه بالحلّ، وصار محلًّا له، فكذلك يصير محلًّا لهديه، ولا يقال: الهدي قد يمكن إرسالها ... (٢).


(١) أي القول بأن محل النحر موضع الحصر.
(٢) بياض في النسختين.