للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما كانت متباينةً استوى فيها الاتصال والانفصال، فلما كانت هذه الأفعال متداخلةً عند الاتصال وجب أن تكون متداخلةً عند الانفصال.

وأيضًا فإن الكفارات كالحدود تُشرع زاجرةً وماحيةً، فإن الحدود كفارات لأهلها، والكفارات حدود عن المحظورات، فوجب أن تتداخل كالحدود.

وإن كان قد كفَّر عن الأول فعليه للثاني كفارة ثانية، هكذا أطلق أصحابنا.

وهذا ينبغي إذا لم يدخل (١) الثاني في كفارة الأول، فإن من أصلنا أنه يجوز تقديم الكفارة على الفعل إذا أبيح؛ فلو مرض فاحتاج إلى اللبس أو الطيب، فافتدى لذلك، ثم لبس بعد ذلك مراتٍ، أو تطيَّب مرات لم يلزمه كفارة ثانية بلا تردد؛ لأن الفدية أباحت اللبس الثاني كما أباحت الأول (٢)، ولا فرق بينهما. ولهذا أطلق أحمد القولَ بوجوب كفارة واحدة إذا لبس مراتٍ لعلة واحدة، ولم يفرِّق بين أن يكفِّر أو لا يكفِّر، اللهم إلا أن (٣) ينوي أنه يستبيح اللبس مرةً واحدةً.

ولو كفَّر ثم استدام المحظورَ فعليه كفارة ثانية كما لو ابتدأه، على ما ذكره في رواية ابن منصور (٤) فيمن لبس قميصًا عشرة [ق ٣١٧] أيام ناسيًا عليه كفارة واحدة ما لم يكفِّر.


(١) في النسختين: «يدل». والتصويب من هامش ق.
(٢) في المطبوع: «اللبس الأول» خلاف ما في النسختين.
(٣) «أن» ساقطة من المطبوع.
(٤) الكوسج في «مسائله» (١/ ٥٨٩).