للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أنه خصّ المتعمد بإيجاب الجزاء بعد أن تقدم ذكر القتل الذي يعمُّ المتعمدَ وغيره، ومتى ذُكرت الصفة الخاصة بعد الاسم العام كان تخصيصها بالذكر دليلًا قويًّا على اختصاصها بالحكم، أبلغَ مِن لو ذُكرت الصفة مبتدأة، إذ لو لم يختصّ بالحكم كان ذِكر المتعمد زيادةً في اللفظ ونقصًا في المعنى، ومثلُ هذا يُعدّ عِيًّا في الخطاب. وهذا المفهوم لا يكاد ينكره من له أدنى ذوقٍ بمعرفة الخطاب.

الرابع: أن المتعمد اسم مشتقّ من العمد مناسب، فكان (١) ما منه الاشتقاق علةَ الحكم، فيكون وجوب الجزاء لأجل التعمُّد، فإذا زال التعمُّد زال وجوب الجزاء لزوال علته.

الخامس: أنه أوجب الجزاء ليذوق وبالَ أمره، والمخطئ ليس عليه وبالٌ، فلا يحتاج إلى إيجاب الجزاء.

وأيضًا فضمان الصيد ليس حقًّا لآدمي، وإنما هو حقٌّ لله. وما حرَّمه الله إذا فعله ناسيًا أو مخطئًا لا مؤاخذة عليه ولا جزاء.

فعلى هذه الرواية: لو تعمَّد رمْيَه بآلةٍ تقتل غالبًا أو لا تقتل (٢)، ولم يقصد قتله= فهو متعمد أيضًا؛ لأنه فعل ما لا يحلّ له، وهو مؤاخَذ بذلك. ويحتمل كلامه أنه ليس بعمد.

ولو قتل صبي أو مجنون صيدًا في الحرم، أو قتله الصبي وهو محرم ... (٣).


(١) في النسختين: «كان». ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) «أو لا تقتل» ساقطة من المطبوع.
(٣) بياض في النسختين.