للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان أول الرمَل هذا، ولذلك لم يرمُلوا بين الركنين اليمانيين؛ لأن المشركين كانوا من ناحية الحِجْر عند قُعَيْقِعَان لم يكونوا يرون مَنْ بين الركنين.

وكان هذا في عمرة القضية، ثم اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عمرة الجِعرانة ومكةُ دار إسلام، ثم حجَّ حجة الوداع وقد نفى الله الشرك وأهله، ورمل من الحَجَر إلى الحجر، فكان هذا آخر الأمرين منه، فعُلِم أن الرمل صار سنةً.

عن ابن عباس قال: رملَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّته وفي عُمَرِه كلها، وأبو بكر وعمر والخلفاء. رواه أحمد (١)، وقد رواه أبو داود في «مراسيله» (٢) عن عطاء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعى في عُمَرِه كلها بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - والخلفاء هَلُمَّ جرًّا يسعَون كذلك. قال: «وقد أُسنِد هذا الحديث، وهذا الصحيح» (٣).

وعن عمر أنه قال: «ما لنا وللرمَلِ؟ وإنما راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله». ثم قال: «شيء صنَعه (٤) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نحبُّ أن نتركه».


(١) رقم (١٩٧٢) من طريق أبي معاوية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس. وأبو معاوية في روايته عن غير الأعمش اضطراب، وقد خالفه جمع من الثقات فرووا هذا الحديث عن ابن جريج عن عطاء مُرسلًا كما سيأتي.
(٢) رقم (١٤٢)، وأخرجه أيضًا الشافعي في «الأم» (٣/ ٤٤٥) وابن أبي شيبة (١٣٧٢٩) من طرق عن ابن جريج عن عطاء مُرسلًا.
(٣) لفظه في «المراسيل»: «وقد أُسنِد هذا الحديث ولا يصح، وهذا هو الصحيح».
(٤) في النسختين: «هي صنعة». والتصويب من البخاري.