للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المعتمر عمرةَ التمتع إذا لم يكن قد ساق الهدي فإنه يحلُّ إحلالًا تامًّا، سواء كان قد نوى التمتع في أول إحرامه أو في أثنائه، أو طاف للقدوم وسعى ثم بدا له التمتع؛ لكن يُستحبُّ أن يقصِّر من شعره، ويؤخِّر الحلاق إلى إحلاله من الحج، فيكون قد قصَّر في عمرته وحلَق في حجته، ولو حلق أولًا لم يمكنه في الحج حَلْقٌ ولا تقصير. وبذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فعن جابر بن عبد الله أنه حجَّ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ ساقَ البُدْنَ معه، وقد أهلُّوا بالحج مفرَدًا، فقال لهم: «أَحِلُّوا من إحرامكم بطوافٍ بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم أقيموا حلالًا حتى إذا كان يومُ التروية فأهِلُّوا بالحج، واجعلوا التي قدِمْتم بها متعة». فقالوا: كيف نجعلها متعةً وقد سمَّينا الحج؟ فقال: «افعلوا ما أمرتُكم، فلولا أني سُقْتُ الهديَ لفعلتُ مثل الذي أمرتُكم، ولكن لا يَحِلُّ مني حرام حتى يبلغ الهديُ مَحِلَّه»، ففعلوا.

وعن ابن عمر وعائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للناس: «من كان منكم أهدى فإنه لا يحلُّ من شيء حَرُمَ منه حتى يقضي حجّه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطُفْ بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصِّرْ وليحلِلْ، ثم ليُهِلَّ بالحج وليُهْدِ»، الحديث. متفق عليهما (١).

وقد تقدَّمت الأحاديث أنه أمرهم أن يَحِلُّوا الحلَّ كلَّه، وأنهم لبسوا الثياب، وأتوا النساء.

ولو حلق جاز، وقد روى يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس قال: أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج، فلما قدِمَ طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، ولم


(١) سبق تخريجهما.