للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الرواية (١) لو كان مفردًا أو قارنًا فهل ينحر الهدي قبل العشر؟ وهل له أن يتحلل؟

والرواية الأولى اختيار أصحابنا، لما ذكرنا من الأحاديث الصريحة بذلك.

وهم وإن قدِمُوا في العشر لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّل بعلةٍ عامة، فقال: ... (٢). ولأنه قال لأصحابه: «من كان منكم (٣) أهدى فلا يحلّ من شيء حَرُم منه حتى يقضي حجَّه»، وهذا نهيٌ عن التحلُّل بالتقصير وغيره؛ فإنه نكرة في سياق النفي فكيف يجوز؟

وأمر الذين لم يسوقوا الهدي أن يتحللوا بالتقصير، فكيف يجوز أن يسوِّي بينهم في التقصير بعد إذنه فيه لمن لم يَسُقِ الهدي دون من ساق؟ وقال عن نفسه: «لا يحلُّ منّي حرامٌ حتى يبلغ الهدي محلَّه». وهذا نص في اجتنابه كلَّ المحرمات من التقصير وغيره.

ثم هم إنما أنكروا أنه أمرهم بالتقصير ولم يقصِّر، فلو كان قد قصَّر زال هذا. ثم هو - صلى الله عليه وسلم - قد خطبهم بهذا وأمرهم به وهو على المروة والناس حوله، فلو كان قد قصَّر من شعر رأسه لم يخْفَ ذلك على أصحابه في مثل ذلك المشهد العظيم، وكيف يقصِّر ولم يأمر غيره ممن ساق الهدي بالتقصير؟

ومن تأمل أحاديث حجة الوداع وأحوالها كان كالجازم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم


(١) في النسختين: «العمرة». والتصحيح من هامشهما.
(٢) بياض في النسختين.
(٣) «منكم» ساقطة من المطبوع.