للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ينزلون بعرفة.

قال أبو عبد الله في رواية المرُّوذي: ثم يغدو ــ يعني بعد المبيت بمنى ــ إلى عرفات، ويقول: «اللهم إليك توجهتُ، وعليك اعتمدتُ، ووجهَك أردتُ، أسألك أن تبارك لي في سفري، وتقضي حاجتي، وتغفر لي ذنوبي. اللهم إني لك أرجو، وإياك أدعو، وإليك أرغب، فأصلِحْ لي شأني كلَّه من الآخرة والدنيا».

قال جابر بن عبد الله: فلما كان يومُ التروية توجَّهوا إلى منًى، فأهلُّوا بالحج، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقُبَّة من شعرٍ تُضرب بنَمِرة، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تشكُّ قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفةَ، فوجد القُبة قد ضُرِبت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقَصْواء (١) فرُحِلَتْ له، فأتى بطنَ الوادي، فخطب الناس، فقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيَّ موضوع، ودماءُ الجاهلية موضوعة، وإن أول دمٍ أضعُ من دمائنا دمُ ابنِ ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلتْه هذيل. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضعُ رِبانا ربا عباس (٢) بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في


(١) في النسختين: «بالقصوى» مقصورة، والصواب أنها ممدودة كما في كتب الحديث والسيرة والمعاجم.
(٢) في المطبوع: «العباس» خلاف النسختين و «صحيح مسلم».