للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإن الحلق أمر لا يُشرع في غير الحج (١)، بل هو إما مكروه أو مباح، وكل أمر شُرِع في الحج ولم يُشرَع في غيره فإنه يكون نسكًا، كالرمي والسعي والوقوف، وعكسه التقليم ونتف الإبط ولبس الثياب، فإنه مشروع قبل الإحرام، ففِعلُه عودٌ (٢) إلى الحال الأولى. أما حلق الرأس فإنه لا يُشرع قبل الإحرام بحال.

وأيضًا فحلق الرأس ليس من النظافة المأمور بها كالتقليم وأخذ الشارب، ولا الزينة المندوب إليها كلبس الثياب، فلو لم يكن نُسكًا لكان عبثًا محضًا؛ إذ لا فائدة فيه أصلًا ... (٣).

وأيضًا فإنه لو كان المقصود إزالة وسخ لما اكتفى بمجرد التقصير، فالاكتفاء به دليل على أن المقصود وضع شيء من شعره لله تعالى.

وأيضًا فإن الحلق يجمع صفاتٍ:

منها: أنه تحلُّلٌ من الإحرام؛ لأنه كان محظورًا قبل [ق ٣٥٣] هذا، والتحللُّ من العبادة عبادة كالسلام.

ومنها: أن وضع النواصي نوع من الذل والخضوع؛ ولهذا كانت العرب إذا أرادت المنَّ على الأسير جزَّتْ ناصيتَه وأرسلتْه، وأعمال الحج مبناها على الخضوع والذل.

ومنها (٤): أنه مخالفة للعادة وخروجٌ عنها، فشابَه أعمالَ الحج من


(١) في المطبوع: «لغير الحاج» خلاف ما في النسختين.
(٢) في المطبوع: «عودًا» خطأ.
(٣) بياض في النسختين.
(٤) سقط في المطبوع هنا سطران، من قوله: «ومنها ... » إلى «المعتاد».